الراحل سميح دروزة

عمان-الغد– برحيله عن هذه الدنيا، طوى الوزير الأسبق والصيدلاني العريق، سميح دروزة، جناح الحياة، وكأنما اختار ابن نابلس، يوم رحيله، بعناية فائقة، ليتزامن مع ذكرى النكبة في عامها الـ67.
ولد سميح طالب دروزة في نابلس العام 1930، في المدينة القديمة من “جبل النار”، وفي منزل جده لعائلة جردانة، فيما كانت اسرته تسكن يافا من قبل.
طفولته الأولى، كانت في يافا، “درس الكتّاب والقران الكريم”، ومن ثم دخل المدرسة الابتدائية في يافا، لصاحبها شفيق الأنصاري.
أغمض دروزة إغماضته الأخيرة أول من أمس، مرتاح الضمير، هانئ البال، على ما انجز خلال مسيرة طويلة، من العمل والكفاح والعصامية، ناهزت الستة عقود، مثل خلالها رجل الاعمال العصامي، بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
في حديث سابق لـ”الغد”، قال دروزة “لم أكن متفوقا، لكنني كنت مبرزاً في الرياضيات والفيزياء”. ثم كانت الرحلة إلى بيروت العام 1949 ليلتحق بالجامعة الأميركية “كنت أرغب في دراسة الكيمياء، وقال لي نقولا زيادة (الكيمياء بدها وظيفة وانت ما عندك دولة، فاذهب وابحث عن دراسة تقود لمهنة فانتقلت للصيدلة)”.
نشط المرحوم في بيروت سياسيا مع التيار القومي، وانتسب لحركة القوميين العرب، ومن ثم رشح لجمعية العروة الوثقى، وانتخب رئيسا للهيئة العامة للجمعية العام 1951. وفي بيروت تأثر بأساتذة كبار، يذكر منهم قسطنطين زريق وجبرائيل جبور وشارل مالك ونقولا زيادة.
أنهى دراسته العام 1954 ليبدأ رحلة البحث عن وظيفة، واتصل بمستودعات الأدوية وأعمدتها يومها نزار جردانة وأمين شقير وجورج خوري.
فقد كان دروزة أحد أقدم الصيادلة الأردنيين، بعدما تخرج من الجامعة الأميركية العام 1954، ليدرس بعدها الماجستير في الصيدلة –الصناعية من جامعة سانت لويس في أميركا 1963.
وبعد الحصول على الشهادة عمل دروزة في القطاع الخاص بالكويت، ومن ثم أسس الصيدلية الوطنية كمشروع خاص في عمان، وعمل في العديد من الدول العربية والاجنبية (1964-1977)، لكن عمله الابرز كان في تأسيسه لشركة تعد من أبرز صروح الاقتصاد الوطني، وهي شركة أدوية الحكمة العام 1978، والتي رأس مجلس ادارتها.
وكانت شركة ادوية الحكمة اول شركة من أصل عربي، تَدخُل السوق الأمريكي والبريطاني والأوروبي. ثم تَوسعت واستحوذت على مصانع في أميركا والبرتغال وإيطاليا وتونس والسعودية ومصر والجزائر، وطالت أكثر من 52 سوقا في العالم. وأدرجت لأول مرة في بورصة لندن للأسهم كشركة مساهمة دولية سنة 2005، وكذلك بورصة دبي.
ومجموعة الحكمة هي مجموعة شركات دوائية متعددة الجنسيات، وتشهد نمواً سريعاَ، تقوم بتطوير وتصنيع وتسويق مجموعة متنوعة من المستحضرات الصيدلانية الجنيسة منها وذات براءة الاختراع. تتواجد عمليات وأعمال المجموعة من خلال ثلاثة قطاعات، هي الأدوية الجنيسة ذات العلامات التجارية المسجلة، الأدوية التي تؤخذ عن طريق الحقن وكذلك الأدوية الجنيسة، موزعة بمناطق جغرافية متعددة، هي الشرق الأوسط وشمال افريقيا، حيث أنها الشركة الرائدة في السوق، والولايات المتحدة وأوروبا. في مطلع 2013، كان عدد موظفي أدوية الحكمة 7.067 موظفا.
ويوجد المقر الرئيسي لإدارة الشركة في لندن. ويوجد لها العديد من المواقع التصنيعية في أكثر من دولة عربية وأجنبية. وتلتزم الشركة بتطبيق معايير جودة عالية أو ما يسمى ممارسات التصنيع الجيد GMP. وبالعودة الى مسيرة الراحل، ففي العام 1995 اختار الشريف زيد بن شاكر، سميح دروزة لتولي منصب وزير الطاقة والثروة المعدنية، وبقي حتى العام 1996، ثم أصبح بعدها عضوا في مجلس الاعيان، وكان له دور كبير في إنشاء جمعية المصدرين الأردنيين، وكان عضواً في المجلس الاقتصادي الاستشاري العام 2007، وعضوا في مجلس ادارة العديد من الشركات والمؤسسات.
وتزوج الراحل من سميرة فضلي، ولهما من الأبناء المهندس سعيد، مازن، مي وهناء.
وقد اعتبر ابو السعيد قائدا إداريا في العديد من المؤسسات الاقتصادية والتعليمية، لكنه كان يحلم خلال السنوات الاخيرة بتأسيس مشروع وطني، يتمثل بتأسيس معهد للادارة، لتخريج القيادات الادارية في كل الاختصاصات.
سميح دروزة كان من طينة الرجال العصاميين، الذين اختزلوا الحياة في العلم والعمل في الحياة.
وكان رئيس الوزراء عبدالله النسور قد نعى أمس وفاة دروزة معددا مناقب الفقيد.

http://www.alghad.com/articles/870707-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AA-%D9%8A%D8%BA%D9%8A%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%AD-%D8%AF%D8%B1%D9%88%D8%B2%D8%A9